فإن قلت: فما جزاء الشرط؟ قلت: قوله: {فَأَنَّى لَهُمْ}، ومعناه: إن تأتهم الساعة فكيف لهم ذكراهم، أي: تذكرهم واتعاظهم إذا جاءتهم الساعة، يعني: لا تنفعهم الذكرى حينئذ، كقوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرى}[الفجر: ٢٣]. فإن قلت: بم يتصل قوله: {فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها} على القراءتين؟ قلت: بإتيان الساعة؛ اتصال العلة بالمعلول، كقولك: إن أكرمني زيد فأنا حقيق بالإكرام أكرمه.
والأشراط: العلامات، قال أبو الأسود:
فإن كنت قد أزمعت بالصّرم بيننا .... فقد جعلت أشراط أوّله تبدو
وقيل: مبعث محمد خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم وعليهم منها، وانشقاق القمر، والدخان. وعن الكلبي: كثرة المال والتجارة، وشهادة الزور وقطع الأرحام، وقلة الكرام وكثرة اللئام.
وقرئ:"بغتة" بوزن: جربة، وهي غريبة لم ترد في المصادر أختها،
وقلت: فالكلام حينئذ ذو جملتين، قال أبو البقاء:" {فَأَنَّى لَهُمْ} خبر {ذِكْرَاهُمْ}، والشرط معترض، أي: إني لهم ذكراهم إذا جاءتهم، وقيل: التقدير: إني لهم الخلاص إذا جاء تذكرتهم"، ولعل هذا أسهل مأخذًا من اختيار المصنف؛ لما يؤدي إلى جعل الكل كلامًا واحدًا، ويلزم التعاطل.
قوله:(على القراءتين): أي: المشهورة، وهي {أَن تَاتِيَهُم}، والشاذة، وهي:"إن تأتهم".
قوله:(كثرة المال والتجارة): يعني: للعرب، وإلا فالعجم لم تزل كذلك، وهو من قوله صلوات الله عليه:"وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان".
قوله: (وقرئ: "بغتةً"): وهي في الشواذ، قال ابن جني: "وهي قراءة أبي عمرو- في رواية