صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ} استأنف بقوله:{لَتَدْخُلُنَّ}، ليكون جوابًا لمن قال عند ذلك: فبم صدقه الله؟ فقيل: في قوله: {لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}.
وقد طعن صاحب "التقريب" في بعض الوجوه على الإجمال.
وقلت: إذا كان من كلام الله، ولم يكن تعليمًا للعباد، ويراد: لتدخلن جميعًا أن شاء الله، ولم يمت منكم أحد، كان المراد: لتدخلن جميعًا أن شاء الله ولم يمت أحد، لكن الله تعالى أمات بعضهم. وفيه بعد. وإذا كان من كلام الملك: فظاهر الرد؛ لأن الزايدة من كلام الغير كيف تدخل في كلام الله تعالى؟ ! وأولى الوجوده: أن يكون تعليمًا للعباد، وتكون كلمة تاديب تذكر في أثناء الكلام تيمنًا وتبركًا.
روى الواحدي عن أبي العباس أحمد بن حيي:"استثنى الله تعالى فيما يعلم؛ ليستثني الخلق فيما لا يعلمون، وأمر بذلك في قوله:{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[الكهف: ٢٣ - ٢٤] "، وكذا عن الإمام، وقال أيضًا:"عن ذلك لتحقيق الدخول؛ لأن المؤمنين أرادوا الدخول، وأبوا الصلح، فقيل: تدخلون، لكن لأا بجلادتكم ولا بإرادتكم، وإنما تدخلون بمشيئة الله وإرادته".
وقلت: ويعضده قوله تعالى: {فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا}، وتفسير المصنف:"فعلم ما لم تعلموا من الحكمة والصواب في تأخير فتح مكة إلى العام القابل".