قولك: سرني زيد وحسن حاله، وأعجبت بعمرو وكرمه، وفائدة هذا الأسلوب: الدلالة على قوّة الاختصاص، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الله بالمكان الذي لا يخفى، سلك به ذلك المسلك.
وفي هذا تمهيد وتوطئة لما نقم منهم فيما يتلوه من رفع أصواتهم فوق صوته، لأنّ من أحظاه الله بهذه الأثرة،
ثم استطرد ما فيه بيان توخي حسن المعاشرة مع الأصحاب والإخوان، وإصلاح ذات البين، والتنزه عن الفرطات من التنابز والغيبة وغير ذلك.
ولما فرغ من بيان إيجاب التهيب لمجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وإحلال جانبه، وشرح الصحبة مع الإخوان، شرع في بيان ما هم عليه من محافظة تقوى الله والإيمان والإسلام، وأعاد التنبيه، وأعلم المنادى بقوله:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى}[الحجرات: ١٣] إلى آخر السورة.
قوله:(قولك: سرني زيد وحسن حاله): وعن بعضهم: الأصل أن بقول: سرني حسن حاله، وأعجبني كرمه خصوصًا، أي: له خصال محمودة كاملة، وهي معجبة لي، خصوصًا كرمه، ولكن أردت المبالغة، فذكرت اسمه اولًا.
قوله:(نقم منهم): الأساس: "نقمت منه كذا: أنكرته عليه وعبته، {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا}[البروج: ٨].