وقرئ:"ولا تحسسوا" بالحاء، والمعنيان متقاربان، يقال: تجسس الأمر: إذا تطلبه وبحث عنه؛ تفعل من الجس، كما أن التلمس -بمعنى: التطلب- من اللمس، لما في اللمس من الطلب، وقد جاء بمعنى الطلب في قوله تعالى:{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ}، والتحسس: التعرّف؛ من الحس، ولتقاربهما قيل لمشاعر الإنسان: الحواس؛ بالحاء والجيم.
والمراد: النهي عن تتبع عورات المسلمين ومعايبهم والاستكشاف عما ستروه. وعن مجاهد: خذوا ما ظهر، ودعوا ما ستره الله. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب، فرفع صوته، حتى أسمع العواتق في خدورهنّ، قال:"يا معشر من آمن بلسانه،
قوله:(قيل لمشاعر الإنسان: الحواس؛ بالحاء والجيم): الراغب: "أصل الجس: مس العرق بنبضه للحكم به على الصحة والسقم، وهو أخص من الحس_ بفتح الحاء_، فإن الحس: تعرف ما يدركه الحس، والجس_ بالجيم_: تعرف حال ما من ذلك، ومن لفظ الجس اشتق: الجاسوس".
قوله:(حتى أسمع العواتق): قال في "الفائق": "العاتق: الشابة أول ما أدركت، قال ابن الأعرابي: إنما سميت عاتقًا لأنها عتقت من الصبا، وبلغت أن تتزوج".
قوله:(يا معشر من آمن بلسانه): روى أبو داود عن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معشر من آمن بلسانه، ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه".
"تتبع الله": مشاكلة، أي: جازاه، نحو: كما تدين تدان.