للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأنه قيل لهم: وَلكِنْ قُولُوا: "أَسْلَمْنا" حين لم تثبت مواطأة قلوبكم لألسنتكم. لأنه كلام واقع موقع الحال من الضمير في {قُولُوا}، وما في "لَمَّا" من معنى التوقع: دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد.

{لَا يَلِتْكُمْ} لا ينقصكم ولا يظلمكم، يقال: ألته السلطان حقه أشدّ الألت، وهي لغة غطفان، ولغة أسد وأهل الحجاز: لاته ليتًا، وحكى الأصمعي عن أمّ هشام السلولية أنها قالت: الحمد لله الذي لا يفات ولا يلات، ولا تصمه الأصوات. وقرئ باللغتين: {لَا يَلِتْكُمْ}، و"لا يألتكم"، ونحوه في المعنى: {فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا}] الأنبياء: ٤٧].

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله: (لأنه كلام واقع موقع الحال): تعليل لقوله: "توقيت لما أمروا به"، يعني: أن قوله: {ولَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} بمنزلة الحال المقيدة للمطلق، المعينة لمعنى قوله: {قُولُوا أَسْلَمْنَا}، لأن قوله: {ولَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} أبين منه، ولذلك أوقع موضع "لما": "حين"، وجعله كالقيد لقوله: "قولوا: "أسلمنا"_ في قوله: {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} _حين لم تثبت مواطأة قلوبكم لألسنتكم".

قوله: (دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد): قال المصنف: "لما: في المعنى التوقع، وهي في النفي نظيرة "قد" في الإثبات"، يعني: دخول الإيمان في قلوبكم متوقع، وأنتم الآن لستم من الإيمان على شيء، فلا تقولوا: آمنا. حاصل الجواب: أنه تكرير، لكنه مستقل بفائدة زائدة، لأنه علم من الأول نفي الإيمان عنهم، ومن الثاني نفيه مع توقيع حصوله.

قوله: (الحمد لله الذي لا يفات): أي: لا يسبق، الأساس: "فاتني بكذا: سبقني وذهب به عني".

قوله: (ولا تصمه الأصوات): أي: لا تجده أصم، يقال: أصممته، أي: وجدته أصم.

قوله: (وقرئ باللغتين): قرأ أبو عمرو: "ولا يألتكم"؛ بهمزة ساكنه بعد الياء، وإذا خفف

<<  <  ج: ص:  >  >>