أو نظر هو نظرًا غير سديد يسقط به على الشك، ثم يستمرّ على ذلك راكبًا رأسه لا يطلب له مخرجًا، فوصف. المؤمنون حقًّا بالبعد عن هذه الموبقات. ونظيره قوله:{ثُمَّ اسْتَقامُوا}[فصلت: ٣٠].
قوله: (راكبًا رأسه كالدابة التي يمر بها السير، ولا تشعر أين المقصد، وإليه الإشارة بقوله:"لا يطلب له مخرجًا".
قوله:(ونظيره قوله: {ثُمَّ اسْتَقَامُوا}): وعن بعضهم: "ذكر {ثُمَّ اسْتَقَامُوا} في "حم السجدة" مثالًا لتراخي الرتبة، والوجهان في تراخي الزمان، فلا يناسبه".
قلت: الوجه الأول نظيره قطعًا؛ لأن قوله هنا:"فوصف المؤمنون حقًا بالبعد عن هذه الموبقات"، أي: المذكورات من قوله: "ربما اعترضه الشيطان" إلى آخره، وقوله هناك:"ثم ثبتوا على الإقرار ومقتضياته" متقاربان معنى، فدل قوله:{الَّذِينَ آمَنُوا} على أنهم من الذين وجد منهم الإيمان، ومثل هذا الإيمان قد لا يؤمن فيه من اعتراض شيطان، وإضلال مضل _كقوله:{الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ}[فصلت: ٣٠]_، فعقب بقوله:{ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا}، ليؤذن بأنهم في الرسوخ كالجبال، لا يزلزلهم اعتراض معترض ولا إضلال مضل، كقوله:{ثُمَّ اسْتَقَامُوا}[فصلت: ٣٠].
وأما الوجه الثاني: فمرجعه إلى الأول في أن الثاني أعلى رتبة من الأول، لأنه حينئذ من باب قوله:{وَمَلَائِكَتِهِ … وَجِبْرِيلَ}[البقرة: ٩٨]، وقوله:{فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}[الرحمن: ٦٨]، يدل عليه قوله في السؤال:"عدم الارتياب يجب أن يكون مقارنًا للإيمان، لأنه وصف فيه"، وقال هنا:"وزوال الريب لما كان ملاك الإيمان أفرد بالذكر"، وكان من حق الظاهر أن