والثاني: أنّ الإيقان وزوال الريب لما كان ملاك الإيمان، أفرد بالذكر بعد تقدّم الايمان؛ تنبيهًا على مكانه، وعطف على الإيمان بكلمة التراخي؛ إشعارًا باستقراره في الأزمنة المتراخية المتطاولة، غضًّا جديدًا.
يجاء بالواو - كما في المثالين -، ولكن عدل إلى كلمة التراخي للإشعار باستقراره غضًا طريًا مع طول الزمان، ما اعترضه شيطان، ولا اعتراه مضل.
والفرق بين الاستمرارين هو أن الاستمرار_ على الأول_ استمرار المجموع، نحو:{ثُمَّ اسْتَقَامُوا}[فصلت: ٣٠]، أي: استمر إيمانهم مع عدم الارتياب، وعلى الثاني: الاستمرار معتبر في الجزء الأخير، ولذلك قال:"غضًا طريًا"، وإذا كان عدم الارتياب_ كما قال في السؤال_ "مقارنًا للإيمان، لأنه وصف فيه""، كيف يتصور تراخيه عن الإيمان بحسب الزمان حقيقة؟ ! قوله:(يجوز أن يكون المجاهد منويًا): "المجاهد": بفتح الهاء. اعلم أن هاهنا ألفاظًا ثلاثة: أحدهما: {وَجَاهَدُوا}، وهو مطلق يجوز أن يقصد به العموم؛ ليتناول جميع ما يصح إطلاقه عليه، وأن يترك على إطلاقه، فلا ينوى له المجاهد؛ ليفيد أنهم يوجدون تلك الحقيقة، ويستفرغون وسعهم وجهدهم عنها.
وثانيها: قوله: {وَأَنْفُسِهِمْ}، وقد علق به {فِي سَبِيلِ اللهِ}، وهو أيضًا يحتمل الغزو، وأن يقصد به العموم في العبادات، لأنها كلها في سبيله وجهته.