للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو العدوّ المحارب أو الشيطان أو الهوى، وأن يكون "جاهد" مبالغة في: جهد. ويجوز أن يراد بالمجاهدة بالنفس: الغزو، وأن يتناول العبادات بأجمعها، وبالمجاهدة بالمال: نحو ما صنع عثمان رضي الله عنه في جيش العسرة، وأن يتناول الزكوات وكل ما يتعلق بالمال من أعمال البر التي يتحامل فيها الرجل على ماله لوجه الله.

{أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} الذين صدقوا في قولهم: آمنا، ولم يكذبوا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وثالثها: قوله: {بِأَمْوَالِهِمْ}، وحكمه حكم "أنفسهم". وقد اعتبر المصنف كل ذلك في تقريره.

فإن قلت: في التنزيل: {بِأَمْوَالِهِمْ} مقدم على" أنفسهم"، فلم خالف؟ قلت: ليؤذن بأن المجاهدة بالنفس أعلى رتبة من المجاهدة بالمال وحده، وأصل في الاعتبار، وإنما قدم في التنزيل تعريضًا بالإنسان وحرصه على جمع المال، فإن الحريص يبذل مهجته في تحصيل المال، وأن المال شقيق الروح، وهو العيار في الإخلاص، لأن المنافق قد يغزو للأغراض، ولكن لا يتسهل له بذل المال.

قوله: (نحو ما صنع عثمان رضي الله عنه جيش العسرة): روى الإمام أحمد بن حنبل في "مسنده" عن عبد الرحمن بن سمرة قال: "جاء عثمان رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه، حين جهز جيش العسرة، فصبها في حجر النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل يقلبها بيده، وقال: ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم، يرددها مرارًا".

قوله: (يتحامل فيها): في "النهاية": "تحاملت الشيء: تكلفته على مشقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>