{فَنَقَّبُوا} -وقرئ بالتخفيف-: فخرقوا في البلاد ودوّخوا، والتنقيب: التنقير عن الأمر والبحث والطلب، قال الحرث بن حلزة:
نقّبوا في البلاد من حذر المو .... ت وجالوا في الأرض كلّ مجال
ودخلت الفاء للتسبيب عن قوله:{هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا}، أي: شدّة بطشهم أبطرتهم، وأقدرتهم على التنقيب، وقوّتهم عليه.
ويجوز أن يراد: فنقب أهل مكة في أسفارهم ومسايرهم في بلاد القرون، فهل رأوا لهم محيصًا حتى يؤملوا مثله لأنفسهم. والدليل على صحته قراءة من قرأ:"فَنَقَّبُوا"؛
يتحول، ثم تأتيه امرأة، فتضرب على منكبه، فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب، فتسلم عليه، فيرد السلام، ويسألها: من أنت؟ فتقول: وأنا المزيد" الحديث.
قوله:(ودوخوا): الجوهري: "داخ البلاد يدوخها: قهرها واستولى عليها، وكذلك دوخ البلاد".
وقوله:(والتنقيب: التنقير في الأمر): الراغب: "النقب في الحائط: كالثقب في الخشب، ويقال: نقب القوم: ساروا، قال تعالى:{فَنَقَّبُوا فِي البِلادِ}، والمنقبة: طريق منفذ في الجبال، استعيرت لفعل الكريم، إما لكونه تأثيرًا له، وإما لكونه منهجًا في رفعه".
قوله: (والدليل على صحته قراءة من قرأ: "فنقبوا"): أي: قول من قال: "فنقب أهل مكة"، قال ابن جني: "هي قراءة ابن عباس وأبي العالية ويحيي بن يعمر، وهذا أمر للحاضرين ولمن بعدهم، وهو "فعلوا" من النقب، أي: ادخلوا وغوروا فإنكم لا تجدون محيصًا".