للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه مبالغات: لفظ الهجوع، وهو الغرار من النوم. قال:

قد حصت البيضة رأسي فما .... أطعم نوما غير تهجاع

وقوله: {قَلِيلًا} و {مِّنَ اللَّيْلِ} لأن الليل وقت السبات والراحة، وزيادة {مَا} المؤكدة لذلك. وصفهم بأنهم يحيون الليل متهجدين، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار، كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم. وقوله: {هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فيه أنهم هم المستغفرون الأحقاء بالاستغفار دون المصرين، فكأنهم المختصون به لاستدامتهم له وإطنابهم فيه.

فإن قلت: هل يجوز أن تكون {مَا} نافية كما قال بعضهم، وأن يكون المعنى: أنهم لا يهجعون من الليل قليلا، ويحيونه كله؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تؤكد الهجوع وتحققه لا أنها تجعله معنى القلة.

الإنصاف: بل تؤكد ما سبقها، وقو قوله: قليلًا، أو تحقق أن الهجوع قليل ومحقق أنه قليل.

وقلت: الظاهر أنها تؤكد المضمون؛ لأن الإشارة بقوله: "لذلك" جميع ما سبق، مما يعطيه معنى الهجوع من قلة النوم، ولفظ قليل مما وضع له، وتخصيص ذكر الليل من إرادة الراحة.

قوله: (وهو الغرار)، الجوهري: الغرار: النوم القليل.

الراغب: الغرة: غفلة مع غفوة.

قوله: (قد حصت البيضة) البيت، الحص، أي: زال شعر رأسي باعتياد لبس المغفر، البيت لأبي قيس بن الأسلت وبعده:

أسعى على جل بني مالك .... كل امرئ في شأنه ساع

<<  <  ج: ص:  >  >>