وفيه مبالغات: لفظ الهجوع، وهو الغرار من النوم. قال:
قد حصت البيضة رأسي فما .... أطعم نوما غير تهجاع
وقوله:{قَلِيلًا} و {مِّنَ اللَّيْلِ} لأن الليل وقت السبات والراحة، وزيادة {مَا} المؤكدة لذلك. وصفهم بأنهم يحيون الليل متهجدين، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار، كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم. وقوله:{هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فيه أنهم هم المستغفرون الأحقاء بالاستغفار دون المصرين، فكأنهم المختصون به لاستدامتهم له وإطنابهم فيه.
فإن قلت: هل يجوز أن تكون {مَا} نافية كما قال بعضهم، وأن يكون المعنى: أنهم لا يهجعون من الليل قليلا، ويحيونه كله؟
الإنصاف: بل تؤكد ما سبقها، وقو قوله: قليلًا، أو تحقق أن الهجوع قليل ومحقق أنه قليل.
وقلت: الظاهر أنها تؤكد المضمون؛ لأن الإشارة بقوله:"لذلك" جميع ما سبق، مما يعطيه معنى الهجوع من قلة النوم، ولفظ قليل مما وضع له، وتخصيص ذكر الليل من إرادة الراحة.
قوله:(وهو الغرار)، الجوهري: الغرار: النوم القليل.
الراغب: الغرة: غفلة مع غفوة.
قوله:(قد حصت البيضة) البيت، الحص، أي: زال شعر رأسي باعتياد لبس المغفر، البيت لأبي قيس بن الأسلت وبعده: