قوله:({وإنَّا لَمُوسِعُونَ}: لقادرون؛ من الوسع) اعتبر الوسع في القدرة والجود والمكان.
الراغب: ويستعمل في الأمكنة، وفي الحال وفي الفعل، كالقدرة والجود ونحو ذلك، ففي المكان قوله تعال:{إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ}[العنكبوت: ٥٦] وفي الحال قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ}[الطلاق: ٧] و {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ}[البقرة: ٢٣٦]، والوسع من القدرة ما يفضل عن قدر المكلف، قال تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦] تنبيهًا على أنه يكلف عبده دوين ما ينوء به المكلف قدرته، وأما قوله تعالى:{وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: ٢٤٧]، {وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا}[النساء: ١٣٠] فعبارة عن سعة علمه وقدرته. وقوله:{وإنَّا لَمُوسِعُونَ} فإشارة إلى نحو قوله: {الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه: ٥٠].
وقلت: أراد أن قوله تعالى: {وإنَّا لَمُوسِعُونَ} تكميل لمعنى قوله: {والسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} إن فسر الأيد بالقوة، ليضم مع صفة القدرة، صفة الكرم، أو تتميم إن فسر بالإنعام، كما فرع قوله:{ثُمَّ هَدَى} على قوله: {أَعْطَى}، ألا ترى إلى قرينتها:{والأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ المَاهِدُونَ}