{يَتَسَاءَلُونَ} يتحادثون ويسأل بعضهم بعضًا عن أحواله وأعماله، وما استوجب به نيل ما عند الله، {مُشْفِقِينَ} أرقاء القلوب من خشية الله. وقرئ:(ووقانا) بالتشديد.
{عَذَابَ السَّمُومِ}: عذاب النار ووهجها ولفحها. والسموم: الريح الحارة التي تدخل المسام. فسميت بها نار جهنم لأنها بهذه الصفة، {مِن قَبْلُ} من قبل لقاء الله تعالى والمصير إليه، يعنون في الدنيا، {نَدْعُوهُ}: نعبده ونسأله الوقاية، {إنَّهُ هُوَ البَرُّ}: المحسن، {الرَّحِيمُ}: العظيم الرحمة الذي إذا عبد أثاب وإذا سئل أجاب. وقرئ:{أَنَّهُ} بالفتح، بمعنى: لأنه.
[{فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ ولا مَجْنُونٍ} ٢٩]
{فَذَكِّرْ} فاثبت على تذكير الناس وموعظتهم، ولا يثبطنك قولهم: كاهن أو مجنون، ولا تبال به فإنه قول باطل متناقض؛ لأن الكاهن يحتاج في كهانته إلى فطنة ودقة نظر، والمجنون مغطى على عقله. وما أنت بحمد الله وإنعامه عليك بصدق النبوة ورجاجة العقل أحد هذين.
قوله:(وما أنت بحمد الله) أشار به إلى أن "نعمة ربك" حال متقدم على عاملها، وهو "كاهن أو مجنون"، والباء الزائدة لا تمنع من العمل، والحال معمول العامل المنفي، كذا صرح في سورة النون. المعنى: ما أنت بكاهن كاذب منعمًا عليك، بل أنت بحمد الله نبي صادق منعمًا عليك، ولا أنت بمجنون منعمًا عليك، بل أنت لحصافة العقل والشهامة بمكان.
فإنك إذا قلت: الفعل المنفي بقيد مخصوص لزم منه إثبات فعل مضاد له، مقيدًا بذلك القيد، نحو قوله: