قلت: هو مجاز لأدائها إلى ذلك، كقوله تعالى:{أَصَلَاتُكَ تَامُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا}[هود: ٨٧].
وقرئ:(بل هم قوم طاغون).
{تَقَوَّلَهُ}: اختلقه من تلقاء نفسه، {بَل لاَّ يُؤْمِنُونَ} فلكفرهم وعنادهم يرمون بهذا المطاعن، مع علمهم ببطلان قولهم، وانه ليس بمتقول لعجز العرب عنه، وما محمد إلا واحد من العرب. وقرئ (بحديث مثله) على الإضافة، والضمير لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعناه: أن مثل محمد في فصاحته ليس بمعوز في العرب، وإن قدر محمد على نظمه كان مثله قادرًا عليه، فليأتوا بحديث ذلك المثل.
في أماكنهم لا يفعلون شيئًا من هذا، وهم أعقل من الكل، وما كان ذلك إلا أن جميع العالم يأتونهم ويخالطونهم، فيحصل غرضهم بدون مشقة.
قوله:(كقوله: {أَصَلَاتُكَ})، أي: كما قال قوم شعيب: {أَصَلَاتُكَ تَامُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ}، قال: جاز الصلاة أن تكون آمرة على طريق المجاز، كما كانت ناهية في قوله:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} كذا، لما كان مؤدى عقولهم السخيفة، ذلك القول بالتناقض جعلت آمرة على الاستعارة المكنية.
قوله: (وقرئ: "بل هم قوم طاغون")، قال ابن جني: قرأها مجاهد، وقراءة الجماعة:{أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ}، هذا هو الموضع الذي يقول أصحابنا فيه: إن "أم" المنقطعة بمعنى "بل" للترك والتحول، لأن بعد "بل" متيقن وبعد "أم" مشكوك فيه مسؤول عنه.
قوله:(ليس بمعوز في العرب)، الأساس: هذا شيء معوز: عزيز لا يوجد.