{أَمْ خُلِقُوا} أم أحدثوا وقدروا التقدير الذي عليه فطرتهم، {مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ} من غير مقدر، {أَمْ هُمُ} الذين خلقوا أنفسهم حيث لا يعبدون الخالق، {بَل لاَّ يُوقِنُونَ} أي: إذا سئلوا: من خلقكم وخلق السماوات والأرض؟ قالوا: الله، وهم شاكون فيما يقولون، لا يوقنون. وقيل: أخلقوا من أجل لا شيء من جزاء ولا حساب؟ وقيل: أخلقوا من غير أب وأم؟
{أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ} الرزق حتى يرزقوا النبوة من شاؤوا؟ أو: أعندهم خزائن علمه حتى يختاروا لها من اختياره حكمة ومصلحة؟ "أم هم المسيطرون": الأرباب الغالبون، حتى يدبروا أمر التربوية ويبنوا الأمور على إرادتهم ومشيئتهم؟ وقرئ {المُصَيْطِرُونَ} بالصاد.
قوله: ("المسيطرون" الأرباب الغالبون)، الراغب: يقال: سيطر فلان على كذا، وتسيطر عليه: إذا قام عليه قيام سطر، واستعمال المسيطر هاهنا كاستعمال القائم في قوله عز وجل:{أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} وإلى هذا المعنى أشار المصنف: "ويبنوا الأمور على إرادتهم ومشيئتهم".
قوله:(وقرئ: {المُصَيْطِرُونَ} بالصاد) قنبل وحفص وهشام: بالسين، وحمزة بخلاف: ، وابن خلاد: بين الصاد والزاي، والباقون: باضاد خاصة. قال الزجاج:"المسيطرون": الأرباب المتسلطون، يقال: تسيطر علينا بالسين والصاد، والأصل السين.
وقال أبو علي: ليس هذا البناء بناء تحقير، لكن الياء في مثل الواو في حوقل، فكما تقول: حوقل، كذلك مسيطر ومبيطر، لإلحاقهما جميعًا بمدحرج ومسرهف.