مَمْنُوعَةٍ} لا تمنع عن متناولها بوجه، ولا يحظر عليها كما يحظر على بساتين الدنيا وقرئ:(فاكهة كثيرة)، بالرفع على: وهناك فاكهة، كقوله:{وحُورٌ عِينٌ}.
{وفُرُشٍ} جمع فراش. وقرئ:(وفرش) بالتخفيف. {مرفوعة} نضدت حتى ارتفعت، أو مرفوعة على الأسرة، وقيل: هي النساء، لأن المرأة يكنى عنها بالفراش. {مرفوعة} على الأرائك. قال الله تعالى {هُمْ وأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ}[يس: ٥٦]، ويدل عليه قوله تعالى:{إنَّا أَنشَانَاهُنَّ إنشَاءً}، وعلى التفسير الأول أضمر "لهن"، لأن ذكر الفرش وهي المضاجع دل عليهن.
{أَنشَانَاهُنَّ إنشَاءً}[الواقعة: ٣٥]، أي: ابتدأنا خلقهن: ابتداء جديدا من غير ولادة، فإما أن يراد: اللاتي ابتدئ انشاؤهن؛ أو اللاتي أعيد إنشاؤهن.
قوله:(ولا يحظر عليها)، الأساس: حظر عليه كذا: حيل بينه وبينه، وهذا محظور: غير مباح.
قوله: (وعلى التفسير الأول أضمر "لهن") لأن المراد بالفرش: الفرش الحقيقية، وفي قوله:"أضمر لهن" إيهام، لأنه يحتمل أن يراد أضمر للنساء ضميرًا، وأضمر لفظة لهن.
قال صاحب "التقريب": فالتقدير: أنشأناهن لهن، لأن ذكر الفرش دل عليهن، ويمكن أن يقال: إن إضمار لهن في القرينة الأولى أنسب، لأن الضمير في {أَنشَانَاهُنَّ} للنساء قطعًا، وهو القرينة للإضمار، ولتأويل الفرش بالنساء لأنه إذا لم يفسر الفرش بالنساء أو لم يقدر هناك ضمير النساء لم يبق بين القرينتين ارتباط العلة والمعلول، لأن قوله:{إنَّا أَنشَانَاهُنَّ إنشَاءً} علة لارتفاعهن على الأرائك والسرر، ولأن {أَنشَانَاهُنَّ} للأزواج لا للفرش، كأنه قيل: وأصحاب اليمين مستقرين في فرش مرفوعة لزوجاتهم كالأسرة والأرائك، لأنا أنشأناهن إنشاءً. ولهذا قال في التفسير الثاني:"وقيل: هي النساء، ويدل عليه؛ {إنَّا أَنشَانَاهُنَّ إنشَاءً} ".
وقال أبو البقاء:{إنَّا أَنشَانَاهُنَّ} الضمير للفرش، لأن المراد بها النساء، ويكون قوله: