وحقيقة {مَوْلاكُمْ}: محراكم ومقمنكم. أي: مكانكم الذي يقال فيه: هو أولى بكم، كما قيل: هو مئنة للكرم، أي مكان؛ لقول القائل: إنه لكريم. ويجوز أن يراد: هي ناصركم، أي لا ناصر لكم غيرها. والمراد: نفي الناصر على البتات. ونحوه قولهم: أصيب فلان بكذا فاستنصر الجزع. ومنه قوله تعالى:{يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ}، وقيل: تتولاكم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار.
المخافة، ومعنى مولى: أولى، والضمير الذي هو اسم "أن" عائد إلى "كلا" لأنه مفرد اللفظ، كقوله تعالى:{كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا}[الكهف: ٣٣]، و"مولى المخافة" خبر "إن"، و"خلفها وأمامها" خبران لمبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون تفسيرًا لكلا الفرجين، أو بدلًا منه، وتقديره: فغدت كلا الفرجين خلفها وأمامها، تحسب أنها مولى المخافة. من كلام الزوزني.
قوله:(ومقمنكم) من القمين: الجدير.
قوله:(كما قيل: هو مئنة الكرام) أي: "مولى" مفعل من أولى، كما أن "مئنة" مفعلة من "إن" التي للتحقيق، غير مشتقة من لفظها؛ لأن الحروف لا يشتق منها، وإنما ضمنت حروفها دلالة على أن معناها فيها، وكما يقال:"مئنة" موضع "إن"، يقال فيه: إن التحقيقية، كذلك معنى {مَوْلَاكُمْ}: مكانكم الذي يقال فيه: هو أولى بكم، وقوله:"مئنة الكرم" كناية رمزية، نحو قولهم: الكرم بين برديه، والمجد بين ثوبيه.
قوله:(فاستنصر الجزع) أي: طلب النصر، ولم يجد سوى الجزع، والجزع ليس ينصر، فإذن لا نصر لهم البتة.