{أَلَمْ يَانِ} من: أنى الأمر يأني، إذا جاء إناه، أي: وقته. وقرئ:(ألم يئن) من: آن يئين، بمعنى: أنى يأني، و (ألما يأن)، قيل: كانوا مجدبين بمكة، فلما هاجروا أصابوا الرزق والنعمة ففتروا عما كانوا عليه، فنزلت.
وعن ابن مسعود: ما كان بين إسلامنا وبين أن عوتبتا بهذه الآية إلا أربع سنين. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن الله استبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة من نزول القرآن. وعن الحسن رضي الله عنه: أما والله لقد استبطأهم وهم يقرؤون من القرآن أقل مما تقرؤون. فانظروا في طول ما قرأتم منه وما ظهر فيكم من الفسق.
قوله: (و "ألما يأن") قال ابن جني: وهي قراءة الحسن، وقال: أصل لما: لم، ثم زيدت عليها "ما" فصارت نفيًا لقوله: قد كان كذا، و"لم" نفي فعل المؤكد، تقول: قام زيد، فيقول المجيب بالنفي: لم يقم، فإن قال: قد قام، قلت: لما يقم، لما زاد في الإثبات "قد"، زاد في النفي "ما"، إلا أنهم لما ركبوا "لم" مع "ما" حدث معها معنى ولفظ.
أما المعنى فإنها صارت في بعض المواضع ظرفًا، فقالوا: لما قمت قام زيد، أي: وقت قيامك قام زيد، وأما اللفظ فإنه جاز أن تقف عليها دون مجزومها كقولك: جئت ولما، أي ولما تجئ، ولو قلت: جئت ولم، لم يجز.
قوله:(وهم يقرؤون من القرآن أقل مما تقرؤون) يعني: أن الله تعالى استبطأ خشوع قلوب الصحابة رضوان الله عليهم وعاتبهم على عدم تأثير القرآن فيها سريعًا، مع ما كانوا عليه من الخشوع، وكانت قراءتهم أقل من قراءتكم، فتفكروا أنتم في حالكم، وما أنتم عليه من الفسق مع كثرة القراءة! فهو شهادة بأن قلوبهم كالحجارة أو أشد قسوة.