وقلت: ويمكن أن يحمل الذكر على القرآن، وما نزل من الحق على نزول السكينة معه، أي الواردات الإلهية.
ويعضده ما روينا عن البخاري ومسلم والترمذي عن البراء: كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوطة بشطنين، فغشيته سحابة فجعلت تدنو، وجعل فرسه ينفر منها، فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال:"تلك السكينة تنزل للقرآن".
وروى السلمي عن أحمد بن الحواري، قال: بينما أنا في بعض طرقات البصرة إذ سمعت صعقة، فأقبلت نحوها فرأيت رجلًا مغشيًا عليه، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: كان رجلًا حاضر القلب، فسمع آية من كتاب الله فخر مغشيًا عليه، فقلت: ما هي؟ قال: قوله تعالى: {أَلَمْ يَانِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ} فأفاق الرجل عند سماع كلامنا، فأنشأ يقول:
أما آن للهجران أن يتصرما .... وللغصن غصن البان أن يتبسما
وللعاشق الصب الذي ذاب وانحنى .... ألم يأن أن يبكى عليه ويرحما
كتبت بماء الشوق بين جوانحي .... كتابًا حكى نقش الوشي المنمنما
ثم قال: أشكال أشكال أشكال، فخر مغشيًا عليه، فحركناه فإذا هو ميت.