{أَأَشْفَقْتُمْ} أخفتم تقديم الصدقات لما فيه من الإنفاق الذي تكرهونه، وأن الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء {فَإذْ لَمْ تَفْعَلُوا} ما أمرتم به وشق عليكم، و {وتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} وعذركم ورخص لكم في أن لا تفعلوه، فلا تفرطوا في الصلاة والزكاة وسائر الطاعات. {بِمَا تَعْمَلُونَ} قرئ بالتاء والياء.
كان المنافقون يتولون اليهود وهم الذين غضب الله عليهم في قوله تعالى:{مَن لَّعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ}[المائدة: ٦٠] ويناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين،
قوله:(فلا تفرطوا في الصلاة)، أشعر بأنه جعل:{فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} جوابًا لقوله: {فَإذْ لَمْ تَفْعَلُوا} قال أبو البقاء: قيل: إذ بمعنى "إن" الشرطية، وقيل: هي على بابها ماضية، والمعنى: أنكم تركتم ذلك فيما مضى فتداركوه بإقامة الصلاة.
وقلت: إنما قال: لا تفرطوا في الصلاة، لأن معنى الإقامة توفية حدودها وإدامتها.
الراغب: وفي تخصيص الإقامة تنبيه على أنه لم يرد إيقاعها فقط، ولهذا لم يؤمر بالصلاة ولم يمدح بها إلا بلفظ الإقامة، وكثير من الأفعال التي حث الله على توفية حقه، ذكره بلفظ الإقامة، قال تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ}[المائدة: ٦٦]{وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ}[الرحمن: ٩].