فإن قلت: ما معنى قوله: {مَنْ أَنصَارِي إلَى اللَّهِ}؟ قلت: يجب أن يكون معناه نطابقًا لجواب الحواريين {نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ} والذي يطابقه أن يكون المعنى: من جندي متوجها إلى نصرة الله، وإضافة {أَنصَارِي} خلاف إضافة {أَنصَارُ اللَّهِ} فإن معنى {نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ}: نحن الذين ينصرون الله .......
{كَمَا قَالَ}: مصدرية، أي: كونوا أنصار الله، مثل كون الحواريين أنصار الله وقت قول عيسى: من أنصاري إلى الله؟
قوله:(يجب أن يكون معناه مطابقًا لجواب الحواريين)، يريد أن قوله:{مَنْ أَنصَارِي إلَى اللَّهِ} ليس على ظاهره لتعديته بـ"إلى"، ولا يطابقه أيضًا جواب الحواريين:{نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ}، فالواجب أن يؤول بما يطابق الجواب بحيث يعلم منه معنى التعدية، وتضمين ما يتعلق به "إلى"، وهو:"من جندي متوجهًا إلى نصرة الله".
قوله:(وإضافة {أَنصَارِي} خلاف إضافة {أَنصَارُ اللَّهِ})، قال صاحب"الانتصاف": الإضافة الأولى محضة، والثانية غير محضة.
وقلت: يشهد للأول قوله: "من الأنصار الذين يختصون بي؟ "، والثاني قوله:"نحن الذين ينصرون الله".
فإن قلت: هذا يخالف تقديره الأول: "من جندي متوجهًا إلى نصرة الله؟ "، لأن"جندي" خبر"من" الاستفهامية، وفيه ضمير راجع إلى المبتدأ، و {إِلَى اللهِ} حال منه.
قلت: عمله حينئذ نحو قوله تعالى: {وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ}[الأنعام: ٣].