قلت: لأن القنوت صفة تشمل من قنت من القبيلين، فغلب ذكوره على إناثه، و {مِنَ} للتبعيض، ويجوز أن يكون لابتداء الغاية، على أنها ولدت من القانتين؛ لأنها من أعقاب هارون أخي موسى صلوات الله عليهما.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم:"كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع: آسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد،
جمعها في الأول جمع قلة لقصرها، وفي الثاني حصرها بقوله: و"جميع"، وأين هو من قوله تعالى:{قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي}[الكهف: ١٠٩]{وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ}[لقمان: ٢٧] وكلام الله صفة أزلية أبدية غير متناهية.
وقلت: ومن ثم ورد عن مصدر النبوة في الدعاء: "أعوذ بكلمات الله التامات"، وأما معنى الجمع في {بِكَلِمَاتٍ} فهو ما ذكره في قوله تعالى: {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ}[البقرة: ٢٢] من أن المراد والقصد بها "جماعة الثمرة التي في قولك: أدركت ثمرة بستانه، تريد ثماره، ونظيره قولهم: كلمة الحويدرة؛ وقولهم للقرية: المدرة، وإنما هي مدر متلاحق".
قوله:(فغلب ذكوره على إنائه)، قال القاضي: وفائدة التغليب الإشعار بأن طاعتها لم تقصر عن طاعة الرجال الكاملين، حتى عدت من جملتهم.
قوله:(كمل من الرجال كثير)، الحديث رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه والنسائي عن أبي موسى، وليس فيه حديث خديجة رضي الله عنها.