يوجد هذه الحقيقة إيهامًا للمبالغة بالطريق المذكورة في إفادة اللام للاستغراق".
وقال حجة الإسلام: "إنما يستحق هذا الاسم من يعلم دقائق المصالح وغوامضها، وما دق منها وما لطف، ثم يسلك في إيصالها إلى المستصلح سبيل الرفق دون العنف". والخبير: هو الذي لا تعزب عنه الأخبار الباطنة، فلا يجري في الملك والملكوت شيء، ولا تتحرك ذرة ولا تسكن، ولا تضطرب نفس ولا تطمئن، إلا ويكون عنده خبرها. وهو بمعنى العليم، لكن العلم إذا أضيف إلى الخفايا الباطنة، سمي خبرة، وسمي صاحبها خبيرًا.
وقال الأزهري: قال الله تعالى: {إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[هود: ١١١]، أي عليم. ويقال "خبرت الأمر أخبره خبرًا، أي: علمته، وما لي به خبر، أي: علم".
فلما تقرر اتفاق العبارتين على ذلك التقدير صح ما قاله، على أن المقام يقتضي إثبات معلوم خاص، وهو ما دل عليه:{وأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ}.
الانتصاف: "هذه الآية رد على الزمخشري، فإن العبد لا يخلق أفعال نفسه لأنه لا يعلمها، وهو استدلال بنفي اللازم؛ استدل بثبوت الخلق له تعالى على ثبوت العلم؛ فالوجه في الآية أن {مَنْ} فاعل، ومفعول العلم محذوف وهو السر والجهر، وضمير {خَلَقَ} محذوف عائد إليه، تقديره: ألا يعلم السر والجهر من خلقهما؟ وغير هذا الوجه تكلف".
وقلت: هذا نظر دقيق، يعني: في تخصيص ذكر الخالق دون سائر الأسماء في مقام إثبات