استدرجه إلى كذا: إذا استنزله إليه درجة فدرجة، حتى يورطه فيه، واستدراج الله العصاة: أن يرزقهم الصحة والنعمة، فيجعلوا رزق الله ذريعة ومتسلقا إلى ازدياد الكفر والمعاصي {مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ} أي: من الجهة التي لا يشعرون أنه استدراج، وهو الإنعام عليهم، لأنهم يحسبونه إيثارا لهم وتفضيلا على المؤمنين، وهو سبب لهلاكهم {وأُمْلِي لَهُمْ} وأمهلهم، كقوله تعالى {إنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إثْمًا}[آل عمران: ١٧٨].
والصحة والرزق والمد في العمر: إحسان من الله وإفضال يوجب عليهم الشكر والطاعة، ولكنهم يجعلونه سببا في الكفر باختيارهم، فلما تدرجوا به إلى الهلاك وصف المنعم بالاستدراج. وقيل:"كم من مستدرج بالإحسان إليه، وكم من مفتون بالثناء عليه، وكم من مغرور بالستر عليه".
وسمى إحسانه وتمكينه كيدا كما سماه استدراجا، لكونه في صورة الكيد حيث كان سببا للتورط في الهلكة، ووصفه بالمتانة لقوة أثر إحسانه في التسبب للهلاك.