فقلبت الواو همزة، كما يقال: أعد، وأزن، (وإذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ)[المرسلات: ١١]، وهو من القلب المطلق جوازه في كل واو مضمومة؛ وقد أطلقه المازني في المكسورة أيضا كإشاح وإسادة، وإعاء أخيه، وقرأ ابن أبى عبلة:«وحي» على الأصل (أَنَّهُ اسْتَمَعَ) بالفتح، لأنه فاعل (أُوحِيَ)، و (إنَّا سَمِعْنَا): بالكسر؛ لأنه مبتدأ محكي بعد القول، ثم تحمل عليهما البواقي، فما كان من الوحي فتح، وما كان من قول الجن كسر؛ وكلهن من قولهم إلا الثنتين الأخريين (وإن المَسَاجِدَ)[الجن: ١٨]،
قوله:{أَنَّهُ اسْتَمَعَ}، بالفتح)، ابن عامر وحفص وحمزة والكسائي بفتح الهمزة من {وَأَنَّهُ}، {وَأَنَّا}، {وَأَنَّهُمْ}، من لَدُن قوله:{وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} إلى قوله: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ}، في ابتداء كل آية. والباقون: بكسرها.
وقال أبو البقاء:"ما في هذه السورة من "إن"، فبعضه مفتوح وبعضه مكسور وفي بعضه اختلاف، ما كان معطوفاً على {أَنَّهُ اسْتَمَعَ} فهو مفتوح لا غير، لأنها مصدرية وموضعها رفع بـ {أُوحِيَ}. وما كان معطوفاً على {إِنَّا سَمِعْنَا}، فهو مكسور لأنه محكي بعد القول، وما صح أن يكون معطوفاً على الهاء في {بِهِي}، كان مفتوحاً على قول الكوفيين على تقدير: وبأن، ولا يُجيزه البصريون، لأن حرف الجر يلزم إعادته عندهم هنا.
فأما قوله:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}، فالفتح فيه على وجهين: أحدهما: أنه معطوف على {أَنَّهُ اسْتَمَعَ}، فيكون: قد أُوحي. والثاني: أن يكون مُعلقاً بـ {تَدْعُوا}، أي: لا تشركوا مع الله أحداً، لأن المساجد، أي: مواضع السجود. وقيل: هو جمع مسجد، وهو مصدر. ومن كَسَرَ استأنف، وأما {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ}، فيحتمل العطف على {أَنَّهُ اسْتَمَعَ}، وعلى {إِنَّا سَمِعْنَا} ".