كما لا يعرف الحكمة في أعداد السموات والأرضين وأيام السنة والشهور والبروج والكواكب وأعداد النصب والحدود والكفارات والصلوات في الشريعة، أو: وما يعلم جنود ربك لفرط كثرتها إلا هو، فلا يعز عليه تتميم الخزنة عشرين، ولكن له في هذا العدد الخاص حكمة لا تعلمونها وهو يعلمها. وقيل: هو جواب لقول أبى جهل: أما لرب محمد أعوان إلا تسعة عشر؟ (ومَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ) إلى قوله: (إلاَّ هُوَ) اعتراض. وقوله:(ومَا هِيَ إلاَّ ذِكْرَى) متصل بوصف (سَقَرَ) و (إلاَّ هُوَ) ضميرها، أي: وما سقر وصفتها إلا تذكرة (لِلْبَشَرِ)، أو ضمير الآيات التي ذكرت فيها.
(كَلاَّ) إنكار بعد أن جعلها ذكرى، أن تكون لهم ذكرى، لأنهم لا يتذكرون، أو ردع لمن ينكر أن تكون إحدى الكبر نذيراً. و «دبر» بمعنى أدبر، كقبل بمعنى أقبل، ومنه صاروا كأمس الدابر
بقوله:{وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً}، أي: ما جعلناهم من جنسكم يُطاقون، عقبة بقوله:{وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ}، أي: ما يعلم بقوة بطش الملائكة إلا هو، لأنهم جنود الله يُسلطهم على أعدائه، وجبريل عليه السلام منهم، قلع مدائن قوم لوط بريشة من جناحه.
قوله:({وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ} إلى قوله: {إِلَّا هُوَ} اعتراض). يعني: قوله: {وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ}، معطوف على قوله:{سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} وما يتصل بها. وقوله:{وَمَا جَعَلْنَا}، إلى قوله:{إِلَّا هُوَ}: استطراد، رداً لطعن الكفار، اعترض بين الكلامين المتصلين اهتماماً.
قوله:(كأمس الدابر)، أمس: هو عند بعضهم مبني، وعند بعضهم غير مُنصرف.