والقواصع في جمع القاصعاء، كأنها جمع فاعلة، أي: لإحدى البلايا أو الدواهي الكبر، ومعنى كونها إحداهن: أنها من بينهن واحدة في العظم لا نظيرة لها. كما تقول: هو أحد الرجال، وهي إحدى النساء. و (نَذِيرًا) تمييز من إحدى، على معنى: إنها لإحدى الدواهي إنذاراً، كما تقول: هي إحدى النساء عفافاً. وقيل: هي حال، وقيل: هو متصل بأول السورة، يعني: قم نذيراً، وهو من بدع التفاسير. وفي قراءة أبي:«نذير» بالرفع خبر بعد خبر ل- «أن»، أو بحذف المبتدأ.
(أَن يَتَقَدَّمَ) في موضع الرفع بالابتداء، و «لمن شاء»: خبر مقدم عليه، كقولك: لمن توضأ أن يصلي؛ ومعناه مطلق: لمن شاء التقدم أو التأخر أن يتقدم أو يتأخر، والمراد بالتقدم والتأخر: السبق إلى الخير والتخلف عنه، وهو كقوله:(فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن ومَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ)[الكهف: ٢٩]، ......
قوله:(وقيل: هي حال)، قال القاضي:"هو حال مما دلت عليه الكُبرى، أي: كبرت مُنذرة".
قوله:(يعني: قُم نذيراً، وهو من بِدع التَّفاسير)، قال محيي السنة:"قيل: {نَذِيرًا} صفة محمد صلوات الله عليه، ومعناه: يا أيها المدثر، قُم نذيراً للبشر فأنْذِر، هذا معنى قول ابن زيد"، ولما لزم منه خرم النظم، قال: وهو من بدع التفاسير.
قوله:(مطلق لمن شاء التقدم أو التأخر أن يتقدم أو يتأخر)، يريد أن مُتعلق "أن يتقدم ويتأخر" غير مَنوي، ومعناه: أن لا إلجاء ولا قسر، والمكلَّف مختار في كل ما يريد أن يأتي ويذر.