قال الإمام:"احتجت المعتزلة بالآية على كون العبد مُتمكناً من الفعل غير مجبور عليه. وجوابه: أن الآية دلت على أنَّ فعل العبد مُعلق على مشيئته، ولكن مشيئة العبد مُعلقة على مشيئة الله تعالى، لقوله تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ}[الإنسان: ٣٠] ".
قوله:(ويجوز أن يكون في {لِمَن شَاءَ} بدلاً من {لِّلْبَشَرِ})، وهو على تكرير العامل، كقوله:{قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ}[الأعراف: ٧٥]. فإن قلت: مفعول {شَاءَ} و {أَرَادَ} يُحذف في الكلام الفصيح، اللهم إلا أن تكون فيه غرابة، فأي غرابة فيه حتى ذُكر في هذا الوجه دون الأول؟ قلت: غرابته أن التقدير: والله إنها لإحدى الكُبر، نذيراً للمكلَّفين المختارين المتمكِّنين من فعل الطاعة والمعصية، فكنى عن ذلك بقوله:{لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}، وقوله:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} أحسن انتظاماً بهذا الوجه لما في الوجه الأول شائبة تهديد ووعيد، ونظيره قوله:{فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف: ٢٩] شاهد عليه.