لأن فعيلاً بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإنما هي اسم بمعنى الرهن، كالشتيمة بمعنى الشتم، كأنه قيل: كل نفس بما كسبت رهن، ومنه بيت الحماسة:
أبعد الذي بالنّعف نعف كويكب … رهينة رمس ذي تراب وجندل
كأنه قال: رهن رمس. والمعنى: كل نفس رهن بكسبها عند الله غير مفكوك (إلاَّ أَصْحَابَ اليَمِينِ)، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق. وعن علي رضى الله عنه، أنه فسر أصحاب اليمين بالأطفال، لأنهم لا أعمال لهم يرتهنون بها. وعن ابن عباس رضي الله عنه: هم الملائكة. (فِي جَنَّاتٍ) أي هم في جنات لا يكتنه وصفها (يَتَسَاءَلُونَ • عَنِ المُجْرِمِينَ) يسأل بعضهم بعضاً عنهم، أو يتساءلون غيرهم عنهم، كقولك: دعوته وتداعيناه.
قوله:(أبعد الذي بالنَّعف) البيت، النَّعْف: اسم جبل، وقيل: مكان مرتفع. ورهينة بمعنى رهن، مجرور، بدل من "الذي"، والرَّمس: القبر، وألف الاستفهام للإنكار، وبعده:
أذكر بالبُقيا على ما أصابني وبُقياي أني جاهد غير مُؤتل
وهمزة الإنكار تتناول الفعل الذي في صدر البيت الثاني، والمعنى: أبعد الذي دُفن بنعف أذكَّر بالبُقيا؟ أي: أَأُسام الإبقاء على من وترني عليه؟ أي: أجتهد في قتله ولا أُقصر. والبُقيا من الإبقاء. قائله: عبد الرحمن بن زيد، قُتل أبوه، وعُرض عليه سبع ديات، فأبى أن يأخذها، وقال هذا.
قوله:(دعوته وتداعيناه)، أي: دعوته أنا وتداعيناه نحن، كقولك: رأيته أنا وتراأيناه نحن، يعني: إذا كان المتكلم مُفرداً بقوله: دعوته، وإذا كان جماعة يقول: تداعيناه. ونظيره: رَميته