للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قلت: كيف طابق قوله: (مَا سَلَكَكُمْ) - وهو سؤال للمجرمين - قوله: (يَتَسَاءَلُونَ • عَنِ المُجْرِمِينَ) وهو سؤال عنهم؟ وإنما كان يتطابق ذلك لو قيل: يتساءلون المجرمين: ما سلككم؟

قلت: (مَا سَلَكَكُمْ) ليس ببيان للتساؤل عنهم، وإنما هو حكاية قول المسئوولين عنهم؛ لأن المسئوولين يلقون إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين،

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتراميناه، ورأيت الهلال وتراأيناه. وهذا التفاعل هنا لا يكون من الجانبين، فعلى هذا: يتساءلون بمعنى: يسألون.

قوله: (كيف طابق قوله: {مَا سَلَكَكُمْ})، توجيهه: أن قوله: {مَا سَلَكَكُمْ}، الظاهر أنه بيان لقوله: {فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (عَنِ الْمُجْرِمِينَ}، أي: يسأل بعضهم بعضاً عن أحوال أصحاب المجرمين، أو يتساءلون غيرهم عنهم، فحينذ لا يُطابق: {مَا سَلَكَكُمْ}، إذ لو قيل: ما سلكهم؟ أو قيل: يسألون المجرمين، أو يسألونهم عن أحوالهم، فقيل: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ}، لصح كونه بياناً له.

قوله: (وإنما هو حكاية قول المسؤولين عنهم)، يعني: لما سألوا أصحابهم عن أحوال المجرمين، أجابوا بأنا سألناهم عن أحوالهم، وقلنا لهم: ما سَلَككم في سَقَر؟ قالوا: لم نَكُ من المصلين، وجيء بالكلام على الحذف. وقريب منه قوله تعالى حكاية عن جبريل أنه قال: {لِأَهَبَ لَكِ}، وليس هو الواهب، وإنما الواهب هو الله عز وجل، إلا أن جبريل عليه السلام: قال: لأهب لك، على أن الله تعالى أرسلني إليك، وقال لي: قل لها: إن الله تعالى قال: أهَبُ لكِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>