فإن قلت: أيريدون أن كل واحد منهم بمجموع هذه الأربع دخل النار، أم دخلها بعضهم بهذه وبعضهم بهذه؟ قلت: يحتمل الأمرين جميعاً.
فإن قلت: لم أخر التكذيب وهو أعظمها؟ قلت: أرادوا أنهم بعد ذلك كله كانوا مكذبين بيوم الدين تعظيما للتكذيب، كقوله (ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا)[البلد: ١٧]، و (اليَقِينِ) الموت ومقدماته، أي: لو شفع لهم الشافعون جميعاً من الملائكة والنبيين وغيرهم؛ لم تنفعهم شفاعتهم؛ لأن الشفاعة لمن ارتضاه الله وهم مسخوط عليهم، وفيه دليل على أن الشفاعة تنفع يومئذ؛ لأنها تزيد في درجات المرتضين.
قوله:(يحتمل الأمرين جميعاً)، أي: يدخل بعضهم النار بمجموع ذلك، وهو: ترك الصلاة، وترك الإطعام، والخوض في الباطل مع الخائضين فيه، والتكذيب بيوم القيامة. وبعضهم بمجرد ترك الصلاة، أو ترك الإطعام. الانتصاف:"هذا تخييل منه على أن تارك الصلاة يخلد في النار. والصحيح أن الآية في الكفار، أي: لم يكن من أهل الصلاة، وكذلك إلى آخرها، ولا تصح منهم هذه الطاعات، وإنما يتأسّفون على فوات ما ينفع". وقال القاضي:"وفيه دليل على أن الكفار مخاطبون بالفروع".