والمعنى أنه ينبأ بأعماله وإن لم ينبأ، ففيه ما يجزئ عن الإنباء؛ لأنه شاهد عليها بما عملت؛ لأن جوارحه تنطق بذلك (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وأَيْدِيهِمْ وأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[النور: ٢٤]. (ولَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ) ولو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن نفسه ويجادل عنها. وعن الضحاك: ولو أرخى ستوره، وقال: المعاذير: الستور، واحدها معذار، فإن صح فلأنه يمنع رؤية المحتجب، كما تمنع المعذرة عقوبة المذنب.
فإن قلت: أليس قياس المعذرة أن تجمع معاذر لا معاذير؟ قلت: المعاذير ليس بجمع معذرة، إنما هو اسم جمع لها، ونحوه: المناكير في المنكر.
والضمير في (بِهِ) للقرآن. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقن الوحي نازع جبريل القراءة، ولم يصبر إلى أن يتمها، مسارعة إلى الحفظ وخوفاً من أن يتفلت منه،
قوله:(فإن صح، فلأنه يمنع رؤية المُحتجب)، قال محيي السنة:"هو قول الضحاك والسُّدي. وأهل اليمن يسمون معذاراً، أي: إن أسبل الستر وأغلق الباب ليُخفي ما يعمل، فإن نفسه شاهدة عليه".
قوله:(المعاذير ليس بجمع معذرة)، قال صاحب "الفرائد": "يمكن أن يقال: الأصل فيه معاذر، فحصلت الياء بإشباع الكسر، وكذا المناكير".
قوله:(إذا لُقِّن الوحي نازع جبريل)، روينا عن البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، عن ابن عباس، في الآية، قال: "كان النبي? يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يُحرك به شفتيه، فأنزل الله تعالى:{لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}. قال: جمعه في صدرك،