قوله:{نَاظِرَةٌ} على الاختصاص، ولا بد من حمله على معنى يصح معه الاختصاص، فإذا حملناه على الحقيقة، وهي النظر إلى وجهه الكريم، لا يستقيم المعنى؛ لأن المنظور إليه حينئذ أشياء لا يحيط بها الوصف، فإذا كان كذلك يجب أن يحمل على المجاز، وهو التوقع والرجاء وهو صحيح، لأنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة حينئذ من غيره.
وأجاب صاحب "التقريب": "إنما خُص به مع أنهم ناظرون إلى أشياء، لأن نظرهم إلى وجهه الكريم يباين النظر، فذلك النظر يختص به".
وقال صاحب "الفرائد": "استدلال ضعيف، لاحتمال أن يكون المراد: أن رؤيتك نعمة زائدة على النعمة منك، ولا يلزم من الاختصاص اللازم من التقديم، أن لا ينظروا يومئذ إلى الله، بل يلزم أن لا ينظروا يومئذ إذا رأوا الله عز وجل في ذلك اليوم إلى شيء غيره، ولأن التوقع الذي ذكر لا يختص بذلك اليوم، ولأن المقام مقام الوعد والجزاء الحسن، فلا يليق ما ذكر. وكيف وقد نُقل عن النبي? ، أنه قال: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله عز وجل: تُريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم"".
وقلت: الحديث أخرجه مسلم والترمذي عن صهيب. وكيف يستبعد هذا، والعارفون في الدنيا ربما استغرقوا في بحار الحب، بحيث لم يلتفتوا إلى الكون؟ وذلك في مقام الغرق،