وهو انسداد مسالك الالتفات من القلب، باستيلاء أنوار الكشف عليه قد شغفها حُباً، قال:
فلما استبان الصبح أدرج ضوؤه بإسفاره أنوار ضوء الكواكب
تجرعتهم كأساً لو ابتلى اللظى بتجريعه، طارت كأسرع ذاهب
أنشدهما صاحب "الرسالة".
وقال الإمام:"لا يمكن حمل النظر على الانتظار، لأن لذة الانتظار مع يقين الوقوع حاصلة في الدنيا، ولا بد أن يحصل في الآخرة شيء أزيد منه في معرض الترغيب في الآخرة، وليس ذلك إلا النظر إلى وجهه الكريم".
وقلت: استدلاله بالتقديم ضعيف، إذ ليس كل تقديم مفيداً للاختصاص، بل يكون لمجرد الاهتمام، مع أن الحديث الذي رويناه مؤذن به، وهو قوله:"فما أُعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم"، وحديث جابر "فنظر إليهم، وينظرون إليه، فلا يلتفتون إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون إليه، حتى يحتجب عنهم"، رواه ابن ماجه، أو لرعاية الفواصل، والفاصلة: ناضرة، باسرة، فاقرة، مع أن النظم لا يساعد إلا على الرؤية. قال أبو البقاء:{وُجُوهٌ}: مبتدأ، و {نَّاضِرَةٌ} خبره. وجاز الابتداء بالنكرة لحصول الفائدة، و {يَوْمَئِذٍ} ظرف للخبر. ويجوز أن يكون الخبر محذوفاً، أي: ثم وجوه، و {نَّاضِرَةٌ} صفة". يعني: كيف يَلَذُّ العيش في الدنيا، ووثم ما ذكر.
وتحريره: أنه تعالى لما ذكر ردعهم بقوله: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (وَتَذَرُونَ الْأخِرَةَ}، عقب ذلك بيان حسن عاقبة حب الآخرة، وسوء مغبة حب العاجلة. يعني: كيف يذر العاقل مثل تلك