للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والذي يصح معه أن يكون من قول الناس: أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بى، تريد معنى التوقع والرجاء، ومنه قول القائل:

وإذا نظرت إليك من ملك … والبحر دونك زدتني نعما

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المسرة التي ليس دونها شيء، بدلاً من هذه اللذة الخسيسة الدَّنيئة؟ أم كيف يُنضر وجهه بهذا السرور، ووراءه ذلك البسور؟ وأما الانتظار الذي ذكره، فهو معدود من جمله قولهم: الانتظار موت أحمر.

ومما ينصر مذهب أهل السنة تفسير أعلم البرية، على ما رويناه عن الإمام أحمد بن حنبل والترمذي، عن ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله? ، قال: "إن أدنى أهل الجنة منزلة، لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسروره مسيرة ألف سنة، وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غُدوة وعشية، ثم قرأ رسول الله? : {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} ".

وروي أنه سئل مالك عن من قال: إلى ثواب ربها ناظرة؟ فقال: كذب، لو كان هذا صحيحاً لما أغاظ الكفار بقوله: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} [المطففين: ١٥]. وروى السُّلمي عن أبي سليمان الداراني: "لو لم يكن لأهل المعرفة سرور، إلا قوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ}، لاكتفوا به. وأي سرور أتم من وصول المحب إلى حبيبه، والعارف إلى معروفه؟ ".

قوله: (وإذا نظرت إليك) البيت، "من" - في قوله: "من ملك" -: تجريدية. قوله: "والبحر دونك": مُعترضة، يحتمل وجهين: أحدهما: البحر بيني وبينك، وثانيهما: أن البحر

<<  <  ج: ص:  >  >>