وسمعت سروية مستجدية بمكة وقت الظهر حين يغلق الناس أبوابهم، ويأوون إلى مقائلهم، تقول: عيينتي نويظرة إلى الله وإليكم، والمعنى: أنهم لا يتوقعون النعمة والكرامة إلا من ربهم، كما كانوا في الدنيا لا يخشون ولا يرجون إلا إياه. والباسر: الشديد العبوس، والباسل: أشد منه، ولكنه غلب في الشجاع إذا اشتد كلو حه. (تَظُنُّ) تتوقع أن يفعل بها فعل هو في شدته وفظاعته (فَاقِرَةٌ) داهية تقصم فقار الظهر، كما توقعت الوجوه الناضرة أن يفعل بها كل خير.
أقل منك في الجود، وحينئذ لا يصلح للاستشهاد، وهذا أرجح، قال السجاوندي:"ولا حجة لهم في الشعر، لأن النظر بمعنى التأمل، لا يطلع عليه مخلوق، ولذلك قال: زدتني نعما".
وقال القاضي:"النظر في البيت بمعنى السؤال، فإن الانتظار لا يستوجب العطاء، ولأن النظر بمعنى الانتظار لا يُعدى بـ "إلى"، على أن الانتظار لا يُسند إلى الوجه".
قوله:(سمعت سروية)، النهاية:"السَّر ومحلة في حمير". مُستجدية: مُستعطية، سائلة.
قوله:(كما توقعت الوجوه الناضرة أن يفعل بها كل خير)، يُريد: دل معنى التقابل بين الفقرتين، يعني: ناظرة وتظن، على معنى التوقع، وحُمل النظر عليه. وقلت: الظن هاهنا بمعنى اليقين، لأن الكافر لا يتوقه الشر حينئذ، بل يتيقنه عين اليقين، ولأن الفاقرة هي الداهية، فلا تُقابل إلا بما ينتهي غاية النعمة، وليس وراء النظر نعمة، رزقنا الله عز وجل ما نرجوه الآن بفضله وكرمه.