(كَلاَّ) ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة، كأنه قيل: ارتدعوا عن ذلك، وتنبهوا على ما بين أيديكم من الموت الذي عنده تنقطع العاجلة عنكم، وتنتقلون إلى الآجلة التي تبقون فيها مخلدين. والضمير في (بَلَغَتِ) للنفس وإن لم يجر لها ذكر، لأن الكلام الذي وقعت فيه يدل عليها، كما قال حاتم:
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى … إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصّدر
وتقول العرب: أرسلت، يريدون: جاء المطر، ولا تكاد تسمعهم يذكرون السماء. (التَّرَاقِيَ) العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال؛ ذكرهم صعوبة الموت الذي هو أول مراحل الآخرة حين تبلغ الروح التراقي، ودنا زهوقها، وقال حاضرو صاحبها وهو المحتضر بعضهم لبعض:(مَنْ رَاقٍ) أيكم يرقيه مما به؟
قوله:(أماوي ما يُغني) البيت، ماوي: اسم امرأة، شُبهت بالماء لصفائها، والنسبة إلى الماء: ماوي ومائي، كما يُقال: كساوي وكسائي. وهي ماوية بنت عفرز، وكانت ملكة وهي تحت حاتم. الحشرجة: الغرغرة عند الموت، والثراء: الغنى والثروة، والضمير في "حشرجت" للنفس.
قوله:(لثُغرة النَّحر)، الجوهري:"الثُّغرة بالضم: نُقرة النحر التي بين التُّرقُوتين".
قوله:(وقال حاضر وصاحبها)، تفسير لقوله تعالى:{وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ}، أي: القائلون هم الذين حضروا صاحب الروح التي تُزهق، يقول بعضهم لبعض: من راقٍ؟ أي: أيكم يرقيه رُقية مما به؟ فقوله:"بعضهم لبعض" بدل من "حاضر وصاحبها"، وقوله:"وهو المحتضر" اعتراض بين البدل والمُبدل، تفسير لـ "صاحبها"، و {مَنْ رَاقٍ} مقول لقوله "قال".