بأنه آية من آيات الله تعالى. فإن قالوا: فما قولكم في المنجمين أنهم مخطئون في جميع ما يحكمون مكابرون للعقول؟ قلنا: إنا نقول: إنهم مخطئون في أصولهم عن شبه وقعت لهم، فلا يعرفون بطلان قولهم مكابرة للعقول، ولا بالضرورة، بل جربوا على مقتضى قواعد بنوها على أصول فاسدة وقعت الشبه لسلفهم في أصول قواعدهم، فربما يصيبون في تركيب الفروع على تلك الأصول، فمنزلتهم في الأحكام كمنزلة أصحاب الحدس والتخمين، وأصحاب الزوج والفرد، فربما يصيبون اتفاقاً لا عن ضرورة، وربما يخطئون. وكثيراً ما نجد من الحراثين والملاحين، يعتبرون نوع ما اعتادوا من توقع المطر وهبوب الرياح في أوقات راعوها بدلالات ادعوا أنهم جربوها في السماء والهواء وغير ذلك، فتحصل بعض أحكامهم اتفاقاً لا تحقيقاً".
وقلت: ومنه ما روى ابن جني في "المحتسب"، أن ابنة معفر بن حماد البارقي شامت برقاً فقالت: يا أبه، جاءتك السماء، فقال: كيف ترينها؟ فقالت: كأنها عين جمل طريف، فقال: ارعي غنيماتك، فرعت ملياً ثم جاءته فقالت: يا أبه، جاءتك السماء، فقال: كيف ترينها؟ فقالت: كأنها فرس دهماء تجر جلالها، فقال: ارعي غنيماتك، فرعت ملياً، ثم جاءته فقالت: يا أبه، جاءتك السماء، فقال: كيف ترينها؟ قالت: سطحت وابيضت، فقال: أدخلي غنيماتك، فجاءت السماء بشيء شطأ له الزرع. والشطء: فراخ الزرع.
وصنف ابن دريد كتاباً في هذا المعنى وفيه هذه القصة، وروايته: كان أعرابي ضرير تقوده ابنته وهي ترعى غنيمات لها، فرأت سحاباً فقالت: يا أبه، إلخ، وفيه: قال: أخبرنا أبو حاتم، عن أبي عبيدة، قلت لأعرابي: ما أسح الغيث؟ فقال: ما لقحته الجنوب ومرته