(تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) أي الواقعة التي تردف الأولى، وهي النفخة الثانية. ويجوز أن تكون الرادفة من قوله تعالى:(قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ)[النمل: ٧٢]، أي: القيامة التي يستعجلها الكفرة استبعاداً لها، وهي رادفة لهم لاقترابها. وقيل (الرَّاجِفَةُ) الأرض والجبال، من قوله:(يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ والْجِبَالُ)[المزمل: ١٤] و «الرادفة»: السماء والكواكب، لأنها تنشق وتنتثر كواكبها على أثر ذلك.
فإن قلت: ما محل تتبعها؟
قلت: الحال، أي: ترجف تابعتها الرادفة.
فإن قلت: كيف جعلت (يَوْمَ تَرْجُفُ) ظرفاً للمضمر الذي هو لتبعثن، ولا يبعثون عند النفخة الأولى؟
قلت: المعنى لتبعثنّ في الوقت الواسع الذي يقع فيه النفختان، وهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع، وهو وقت النفخة الأخرى. ودل على ذلك أن قوله:(تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) جعل حالاً عن الراجفة. ويجوز أن ينتصب (يَوْمَ تَرْجُفُ) بما دل عليه (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ) أي: يوم ترجف وجفت القلوب (واجِفَةٌ) شديدة الاضطراب، والوجيب والوجيف: أخوان. (خَاشِعَةٌ) ذليلة.
قوله:(أي: ترجف تابعتها الرادفة)، تابعتها، بنصب التاء وضمها في الرادفة، وهي فاعل "تابعتها"، والإضافة غير محضة، والأصل: تابعة لها الرادفة، أي: ترجف الأرض والجبال، أي حال كون السماء والكواكب تابعتها في الانشقاق والانتثار، وهي الرادفة، وأما تقديره على الوجه الأول فأن يقال: يوم تحدث الحادثة الكبرى، أي: النفخة الأولى حال كون الفنخة الثانية تابعتها، وهي الرادفة.
قوله:(ودل على ذلك)، أي: على أن المراد باليوم: الوقت الواسع الذي فيه النفختان، أن فعل الراجفة مقيد بفعل النفخة الثانية.