قلت:(قُلُوبٌ) مرفوعة بالابتداء، و (واجِفَةٌ) صفتها، و (أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ) خبرها فهو كقوله: (ولَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ)[البقرة: ٢٢١].
فإن قلت: كيف صح إضافة الأبصار إلى القلوب؟
قلت: معناه أبصار أصحابها، بدليل قوله:(يَقُولُونَ)(فِي الحَافِرَةِ) في الحالة الأولى، يعنون: الحياة بعد الموت.
فإن قلت: ما حقيقة هذه الكلمة؟
قلت: يقال: رجع فلان في حافرته، أي: في طريقه التي جاء فيها فحفرها، أي: أثر فيها بمشيه فيها: جعل أثر قدميه حفراً، كما قيل: حفرت أسنانه حفراً: إذا أثر الآكال في أسناخها. والخط المحفور في الصخر. وقيل: حافرة، كما قيل: عيشة راضية، أي: منسوبة إلى الحفر والرضا، أو كقولهم: نهارك صائم، ثم قيل لمن كان في أمر فخرج منه ثم عاد إليه: رجع إلى حافرته، أي: طريقته وحالته الأولى ....
قوله:({قُلُوبٌ} مرفوعة بالابتداء، و {وَاجِفَةٌ} صفتها)، وعن بعضهم: لا يجوز أن يكون {يَوْمَئِذٍ} صفة مخصصة للقلوب؛ لأنه جُثة، كما لا يجوز أن يكون خبراً عن الجثة.
قوله:(في أسناخها)، الجوهري:"أسناخ الأسنان: أصولها". قال ابن جني:"قالوا: حُفِرَتْ أسناخها: إذا ركبها الوسخ من ظاهرها ومن باطنها".
قوله:(والخط المحفور)، عطف على "حُفِرَتْ أسنانه".
قوله:(وقيل: حافرة، كما قيل: عيشة راضية)، رد إلى قوله:"رجع فلان في حافرته، أي: في طريقته"، أي: قيل: حافرة، وأريد طريقة منسوبة إلى الحفر، أو طريقة حافرة، أي: صاحبها حافر مؤثر في طريقته، فأسند إليها مجازاً.