كما ترى في وجوه الأغنياء وأهل الترفه، وقرئ:(تعرف) على البناء للمفعول، (ونضرة النعيم) بالرفع. "الرحيق": الشراب الخالص الذي لا غش فيه "مَخْتُومٍ" تختم أوانيه من الأكواب والأباريق بمسكٍ مكان الطينة. وقيل (خِتامُهُ مِسْكٌ) مقطعه رائحة مسكٍ إذا شرب. وقيل: يمزج بالكافور، ويختم مزاجه بالمسك. وقرئ:(خاتمه)،
وروى السلمي عن ابن عطاء:"على أرائك المعرفة ينظرون إلى المعروف، وعلى أرائك القُربة ينظرون إلى الرءوف. وقال جعفر في قوله:{تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ}: تبقى لذة النظر تتلألأ مثل الشمس في وجوههم. وقال الجريري في {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ}: يشربون صرفاً على بساط القرب في مجلس الأنس، وفي رياض القُدس، بكأس الرضا على مُشاهدة الحق".
قوله: (وقُرئ: "خاتمه")، الكسائي، والباقون:{خِتَامُهُ}، وقراءة الكسائي تؤيد تفسير القفال على ما رواه الإمام عنه، أنه قال:"يحتملأن هؤلاء يُسقون من شراب مختوم، قد خُتم عليه تكريماً له بالصيانة على ما جرت به العادة من ختم ما يُكرم ويُصان. ويُفهم منه أن هناك خمراً تجري منها أنها كما قال:{وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ}[محمد: ١٥]، إلا أن هذا المختوم أشرف من الجاري".
وقلت: ويؤيده قوله تعالى: {وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}[الإنسان: ٢١]، وأن الساقي إذا كان ملكاً كان الشراب مصوناً مختوماً، {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}. ويمكن أن يقال: إن قوله: {وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ}، عطف على قوله:{خِتَامُهُ مِسْكٌ}. والتسنيم هم المعني بالشراب الذي هو أرفع شراب في الجنة. وقوله:{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} في حكم المتأخر، قدم لمكان العناية بشأنه. قال في قوله تعالى:{فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً}[البقرة: ٢٤٩]: مستثنى من قوله: {فَمَن شَرِبَ