بفتح التاء وكسرها، أي: ما يختم به ويقطع (فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ) فليرتغب المرتغبون. (تَسْنِيمٍ) علم لعينٍ بعينها: سميت بالتسنيم الذي هو مصدر سنمه إذا رفعه: إمّا لأنها أرفع شرابٍ في الجنة وإمّا لأنها تأتيهم من فوق، على ما روى أنها تجرى في الهواء متسنمة فتنصب في أوانيهم. و (عَيْناً) نصب على المدح. وقال الزجاج: نصب على الحال، وقيل: هي للمقربين، يشربونها صرفا. وتمزج لسائر أهل الجنة.
مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي}، والجملة الثانية في حكم المتأخرة، إلا أنها قُدمت للعناية، كما قُدم {وَالصَّابِئُونَ} في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى}[المائدة: ٦٩]، وإنما قلنا: إنه في حكم المتأخر؛ لأن المشار إليه بذلك جميع ما سبق من قوله:{إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ} إلى آخره.
وفائدة التقديم: الترغيب والحث على التحري والاجتهاد وإيثار ذلك على طلب العاجلة والمسابقة فيه، ولذلك قدم الظرف، أي: وفي ذلك وخص التنافس مع بناء التفاعل.
النهاية:"التنافس من المنافسة، وهي الرغبة في الشيء والانفراد به، وهو من الشيء النفيس الجيد في نفسه، ونافست في الشيء منافسة ونفاساً: إذا رغبت فيه". وقال بعضهم: ارتغب وتراغب بمعنى إلا أن ارتغب أكثر. وقلت: الفاء في {فَلْيَتَنَافَسِ} جواب شرط محذوف، أي: وما كان فليتنافس المتنافسون في ذلك، فقدم الظرف للاهتمام، ويجوز أن يقدر: وفي ذلك: ليتنافس المتنافسون، وعلى الأول ورد قوله: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (فَلْيَعْبُدُوا} [قريش: ١ - ٣]، وعلى الثاني قوله:{فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا}[يونس: ٥٨].
قوله: (نصب على الحال)، أي: جارياً، وذو الحال: تسنيم، وهو علم للماء. وقيل: يشرب بها، الباء: زائدة، وقيل: ظرف، وقيل: بمعنى "من".