فإن قلت: متى يقال لها ذلك؟ قلت: إمّا عند الموت، وإمّا عند البعث، وإمّا عند دخول الجنة. على معنى: ارجعي إلى موعد ربك (راضِيَةً) بما أوتيت، (مَرْضِيَّةً) عند الله، (فَادْخُلِي فِي عِبادِي) في جملة عبادي الصالحين، وانتظمي في سلكهم، (وَادْخُلِي جَنَّتِي) معهم، وقيل: النفس الروح. ومعناه: فادخلي في أجساد عبادي. وقرأ ابن عباس:(فادخلي في عبدي). وقرأ ابن مسعود:(في جسد عبدي). وقرأ أبى:(ائتي ربك راضيةً مرضيةً، ادخلي في عبدي) وقيل: نزلت في حمزة بن عبد المطلب
أن يقال لها: ارجعي إلى ربك راضية مرضية، فادخلي في عبادي وادخلي جنتي. والذي عليه ظاهر كلام الإمام إيثار المعنى الثاني لقوله تعالى:{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد: ٢٨]، لأن النفس الزكية إذا أخذت في الترقي في سلسلة الأسباب والمسببات، لا تقف إلا عند مقطع الحاجات، ولا تطمئن إلا إليه.
قال ابن عطاء:"النفس المطمئنة هي العارفة بالله الذي لا تصبر عن الله طرفة عين"، وقال القاسم:"يا أيها الروح المتصلة بالحق، اطمأننت ورضيت بما قُضي لك وعليك، ارجعي إلى الذي زينك بهذه الزينة العظيمة، حتى يُصلحك للرجوع منه إليه".
قوله:({فَادْخُلِي [فِي عِبَادِي]} في جملة عبادي الصالحين)، قال الإمام:"هذه حالة شريفة، لأن الأرواح القدسية تكون كالمرايا المصقولة، فإذا انضم بعضها إلى بعض تنعكس الأشعة، فيظهر في كل منها ما لكلها، فتكون سبباً لتكامل السعادات وتعاظم الدرجات، وذلك هو السعادة الروحانية". وقلت: ومن ثم جيء على وجه التتميم بالسعادة الجسمانية، وقيل: وادخلي جنتي.