ولا يختلى خلاها، ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد. فقال العباس: يا رسول الله، إلا الإذخر فإنه لقيوننا وقبورنا وبيوتنا؛ فقال صلى الله عليه وسلم:«إلا الإذخر».
فإن قلت: أين نظير قوله: (وَأَنْتَ حِلٌّ) في معنى الاستقبال؟
قلت: قوله عز وجل: (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ)] الزمر: ٣٠ [ومثله واسع في كلام العباد، تقول لمن تعده الإكرام والحباء: أنت مكرم محبو، وهو في كلام الله أوسع؛ لأنّ الأحوال المستقبلة عنده كالحاضرة المشاهدة. وكفاك دليلًا قاطعًا على أنه للاستقبال، وأن تفسيره بالحال محال: أن السورة بالاتفاق مكية، وأين الهجرة عن وقت نزولها، فما بال الفتح؟
عضداً. والخلا مقصور: النبات الرقيق ما دام رطباً، واختلاؤه: قطعه، وأخلت الأرض: كثر خلاها، فإذا يبس فهو حشيش. القين: الحداد".
قوله:(إلا لمنشد)، المنشد: المعرف. عن بعضهم: تأويل الحديث على قول أبي حنيفة رضي الله عنه، تأكيد لئلا يُظن أن حكم لُقَطَة مكة بخلافه في سائر البلدان. وعلى قول الشافعي رضي الله عنه، تخصيص مكة بهذا الحكم، وهو أنه لا يجوز لأحد أخذ اللُّقَطَة إلا لمنشد، بخلاف سائر البلدان. القين: الحدّاد.
قوله:(عن وقت نزولها)، قيل: هو متعلق بقوله "أين" من حيث المعنى، لأنه استفهام إنكار عن مقاربة الهجرة وقت نزول الآية، فكأنه قيل: بعدت الهجرة عن وقت نزلوها بعداً، وإن كانت الهجرة بعيدة فكيف بالفتح؟ وإذا ثبت أن وقت نزول الآية بعيد عن الفتح، فلا يكون قوله {وَأَنتَ حِلٌّ} بمعنى الحال، ويجوز أن يكون حالاً مقدرة وإن كانت جملة، وقد مر في سورة هود عند قوله {بِسْمِ اللَّهِ مَجْراهَا وَمُرْسَاهَا}[هود: ٤١]، اعتراض وجواب.