قلت: هو على وجهين: إن جعلته بدلًا من (يُؤْتِي) فلا محل له؛ لأنه داخل في حكم الصلة، والصلات لا محل لها. وإن جعلته حالًا من الضمير في (يُؤْتِي) فمحله النصب. (ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ) مستثنًى من غير جنسه وهو النعمة أي: ما لأحٍد عنده نعمة إلا ابتغاء وجه ربه، كقولك: ما في الدار أحد إلا حمارًا. وقرأ يحيى بن وثاب:(إلا ابتغاء وجه ربه) بالرفع: على لغة من يقول: ما في الدار أحد إلا حمار، وأنشد في اللغتين قول بشر بن أبى حازم:
أضحت خلاء قفارا لا أنيس بها … إلا الجآذر والظّلمان تختلف
وقول القائل:
وبلدة ليس بها أنيس … إلّا اليعافير وإلّا العيس
ويجوز أن يكون (ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ) مفعولًا له على المعنى،
قوله:(والصلات لا محل لها)، قيل: لأن الصلة بعض الاسم، وبعض الاسم لا محل له، ولأن الصلة ليست بقائمة مقام المفرد.
قوله:(على لغة من يقول)، وهي لغة بني تميم، وسبق تقريره في النمل.
قوله:(أضحت خلاء) البيت، بعده:
وقفت فيها قلوصي كي تجاوبني أو يُخبر الرَّسم عنهم آية صرفوا
القفار: جمع قفر، وهي الخالي من المفاوز. والجآذر: أولاد البقر. والظلمان: جمع الظليم، وهو ذكر النعام.
قوله:(ويجوز أن يكون {ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ})، مفعولاً له) وعلى هذا المستثنى داخل في المستثنى منه حقيقة، لأن المعنى: لا يؤتي ماله لأمر من الأمور، إلا ابتغاء وجه ربه.