لم يعجز عن إعادته، فما سبب تكذيبك أيها الإنسان بالجزاء بعد هذا الدليل القاطع. وقيل: الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) وعيد للكفار، وأنه يحكم عليهم بما هم أهله. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا قرأها قال: (بلى وأنا على ذلك من الشاهدين).
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة "التين"، أعطاه الله خصلتين: العافية واليقين ما دام في دار الدنيا، وإذا مات أعطاه الله من الأجر بعدد من قرأ هذه السورة».
قوله:(وقيل: الخطاب لرسول الله? )، عطف على قوله:"هو خطاب للإنسان"، وعلى هذا لا يكون في الكلام التفات، وتكون "ما" بمعنى "من"، أي: فمن يكذبك أيها الرسول الصادق المصدق، بما جئت به من الدين الحق، أو بسبب الدين بعد ظهور هذه الدلائل الدالة على نبوتك؟ أليس الله بأحكم الحاكمين؟ يحكم بينك وبين أهل التكذيب. وإذا قيل: إن الخطاب للإنسان، ينبغي أن يذهب إلى الالتفات، لما سبق من قوله:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}، ويجعل الباء للتسبيب، لأن الإنسان هو المكذب، والمعنى: أيها الإنسان، ما الذي يلجئك إلى أن تكون كاذباً بسبب تكذيب الجزاء. وفي الكلام تعجب وتعجيب؛ وذلك أنه تعالى لما قرر أنه خلق الإنسان في أحسن تقويم، ثم رده إلى أرذل العُمر، دل على كمال قدرته على الإنشاء والإعادة، فسأل بعد ذلك عن سبب تكذيب الإنسان بالجزاء، لأن ما يتعجب منه يُخفي سببه، وهذا كما ترى ظاهر جلي، وإليه الإشارة بقوله:"فما سبب تكذيبك أيها الإنسان بالجزاء، بعد هذا الدليل القاطع؟ "، وعلى هذا قوله:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}، وعيد للكفار، وأنه يحكم عليهم بما هو أهله.
قوله: (قال: "بلى وأنا على ذلك من الشاهدين")، الحديث من رواية الترمذي وأبي داود، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله? : "من قرأ منكم {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ}، فانتهى إلى قوله:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ}، فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين".