ولأنّ التكليف في أدائها أشق لتهافت الناس في تجاراتهم ومكاسبهم آخر النهار، واشتغالهم بمعايشهم. أو أقسم بالعشي كما أقسم بالضحى لما فيهما جميعًا من دلائل القدرة. أو أقسم بالزمان لما في مروره من أصناف العجائب. والإنسان: للجنس. والخسر: الخسران، كما قيل: الكفر في الكفران. والمعنى: أن الناس في خسران من تجارتهم إلا الصالحين وحدهم؛ لأنهم اشتروا الآخرة بالدنيا، فربحوا وسعدوا، ومن عداهم تجروا خلاف تجارتهم، فوقعوا في الخسارة والشقاوة (وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ) بالأمر الثابت الذي لا يسوغ إنكاره، وهو الخير كله: من توحيد الله وطاعته، وإتباع كتبه ورسله، والزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) عن المعاصي وعلى الطاعات، وعلى ما يبلو الله به عباده.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة (والعصر)، غفر الله له، وكان ممن تواصى بالحق وتواصى بالصبر».
قوله:(لتهافت)، وهو التساقط قطعة قطعة، وتهافت الفراش في النار: تساقط.
قوله:(أو أقسم بالزمان)، قال الزجاج:"والعصر: الدهر، والعصر: اليوم، والعصر: الليلة، قال حُميد بن ثور:
ولا يلبث العصران يوماً وليلةً إذا طُلبا أن يُدركا ما تيمما
قوله:({وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ}: بالأمر الثابت) إلى آخره، الراغب: "الوصية: التقدم إلى الغير بما يعمل به مقروناً بوعظ ونصيحة، من قولهم: أوض واصية: متصلة النبات، يقال: أوصاه ووصاه، وتواصى القوم: إذا أوصى بعضهم بعضاً"، يقال: "قدمت إليه بكذا، إذا أمرته قبل وقت الحاجة إلى الفعل".