جعل علم التكذيب بالجزاء منع المعروف والإقدام على إيذاء الضعيف، يعنى: أنه لو آمن بالجزاء وأيقن بالوعيد، لخشي الله تعالى وعقابه ولم يقدم على ذلك، فحين أقدم عليه: علم أنه مكذب، فما أشده من كلام، وما أخوفه من مقام، وما أبلغه في التحذير من المعصية وأنها جديرة بأن يستدل بها على ضعف الإيمان ورخاوة عقد اليقين، ثم وصل به قوله (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ) كأنه قال: فإذا كان الأمر كذلك، فويل للمصلين الذين يسهون عن الصلاة قلة مبالاة بها، حتى تفوتهم أو يخرج وقتها، أو لا يصلونها كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف، .........
قوله:(الذين يسهون عن الصلاة)، الراغب: السهو خطأٌ عن غفلة، وذلك ضربان: أحدهما أن يكون من الإنسان جوالبه ومُولداته، كمن شرب خمراً ثم ظهر منه منكر لا عن قصد. والثاني أن لا يكون منه مُولداته، كمجنون سب إنساناً؛ فالثاني معفو عنه، والأول مأخوذ به، وعلى نحو الأول ذم الله تعالى فقال: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}.
قوله: (أو لا يُصلونها)، عطف على قوله:"يَسهون عن الصلاة"، كأنه قال: المراد بقوله: {عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}: إخراجها عن وقتها قلة مبالاة، أو ترك أبعاضها وهيآتها وآدابها والطمأنينة فيها غفلةً وسهواً، ولذلك قال:"ولكن ينقرونها نقر الطائر الحبة".
عن أبي داود والنسائي، عن عبد الرحمن بن شبل:"نهى رسول الله? عن نقرة الغُراب، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المكان كما يوطن البعير". وعن البخاري والنسائي عن زيد بن وهب، قال: "رأى حذيفة رجلاً يصلي فطفف، فقال له حذيفة: مُذ كم تصلي هذه