وقالَ الشَّيخ محيي الدِّينِ النّوويّ رحمهُ الله عليه:«هذا قولٌ واضح، وأجابَ الأصحابُ بوجوه: أحدُها: أنّ التصنيفَ عائدٌ إلى جملةِ الصلاةِ لا إلى الفاتحة، هذا حقيقةُ اللفظ. والثاني: أنه عائدٌ إلى ما يختصُّ بالفتحةِ من الآياتِ الكاملة. والثالث: معناه: فإذا انتهى العبدُ إلى {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}».
وقال القاضي:«الحديثُ دَلَّ على فضلِ الفاتحةِ دون وُجوبِها، إلا أن يقال:[قَسَمتُ] الصلاةَ من حيثُ إنها عامةٌ شاملةٌ لأفرادِ الصلاةِ كلِّها، في معنى قولنا: كلُّ صلاةٍ مقسومةٌ على هذا الوجه، ويلزمُه أنّ كلَّ ما لا يكونُ مقسومًا على هذا الوجهِ لا يكونُ صلاة، والخاليةُ عن الفاتحةِ لا تكونُ مقسومةً على هذا الوجه، فلا تكونُ صلاة».
هذا وإنّ الفاءَ في قولِ أبي هريرة رضي الله عنه:«فإني سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: وتقريرِ التثليثِ في الألفاظ النبوية تفسيرًا للتنصيف، يكشفان الغطاء؛ فلا مطمَع في على مغزى الكلامِ إلّا ببيانِ موقعِهما؛ أما الأول: فإنّ الفاءَ رَتّبت ما بعدَها على ما قبلَها، ترتيبَ الدليلِ على المدَّعي، لأنه رضي الله عنه استشهدَ بالحديثِ الثاني لإثباتِ الكمالِ لمطلقِ الصلاة، ونفي النقصانِ عنه، لأن الحديثَ القُدسيَّ نصٌ إلهي في الدرجةِ الثانية، وإن كانَ من غيرِ واسطةٍ غالبًا، لأن المنظورَ فيه: المعنى، وفي التنزيل: اللفظُ والمعنى منظوران، كأنه قال: قَسَمتُ الَّصلاة الكاملةَ نصفين، فلا يَدلُّ على نَفيِ حقيقةِ الصلاةِ كما قال، وفيه أيضًا إيجابُ الصلاةِ على حقيقتِها، لأن الكلامَ السابقَ سيقَ لها أصالةً والثاني تابعٌ له، فيكون الفاءُ في قولِه: «فإذا قالَ العبد» للتعقيبِ والشروعِ في بيانِ كيفيةِ التقسيم، لا المقسومِ به كما ظنّ هذا الذي عَناه شارحُ