الصحيح بقولِه:«فإذا انتهى العبدُ إلى {الْحَمْدُ لِلَّهِ}»، وعلى هذا قياسُ سائرِ الأذكارِ فيها.
وتخصيصُ الفاتحة: لتقدمِها وشرفِها وليُنبَّهَ على اشتمالِها على معاني الكتبِ السماوية، على أنّ مرجعَ الكلِّ إلى الدعوةِ إلى تَيْنِكَ الخُلّتين، أعني: العبادةَ والثناء، وإظهارَ الافتقارِ ونفيَ الحولِ والقوة إلا به. وبهذا ظهرَ سِرُّ قولِه صلواتُ الله عليه:"الدّعاءُ مخُّ العبادة"، ولا بُعْدَ أن نتَشبَّثَ بهذا على الوجوب. وتحريرُه: أنّ قولِه: "فهي خِداج" يَحتملُ مَعْنيينِ: نَفيَ الكمالِ كما سبق، ونَفيَ الحقيقة؛ من نَفي الجزء الذي يَنْتفي الكلُّ بانتفائه، رجّحنا الثاني بهذا الاعتبار؛ وذلك أنّ الصلاةَ عبارةٌ عن حركاتٍ مخصوصةٍ أذكارٍ مخصوصةٍ، فكما تَنتفي بإخلالِ معظمِ أذكارِها.
وقد نَقرّر في علم البيان، أنّ إطلاقَ الجزءِ على الكلِّ مشروطٌ بكونِ ذلك الجزءِ أعظمه، كما مّثّل شارحُ الصّحيح بقولِه:"الحَجُّ عَرَفة"، وعليه قولُه سبحانه وتعالى:{وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا}[الإسراء: ٧٨]، [يعني: صلاتَه]، والذي يَشدُّ من عَضُدِ هذا التقريرِ توكيدُ الخِداجِ بالتذكير، وتتميمُه بالتفسير، ولأنّ هذا المنهجَ أحوط، وإلى التحقيقِ أقرب، واللهُ أعلمُ بحقيقةِ الحال.