ومن قال به مخاطبة للكفار متصل بما قبله مجاهد كما قرى على أحمد بن محمد بن الحجاج عن يحيى بن سليمان حدثنا ابن عليه عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: قال مشركوا العرب لن نعذب ولن نبعث وقال أهل الكتاب (نحن أبناء الله وأحباؤه)، (وقالوا لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودات) فقال الله عز وجل (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب ... الآية)، وكان محمد بن جرير يختار هذا القول ليكون الكلام متصلا بعضه ببعض ولا يقطع ما بعده مما قبله إلا بحجة قاطعة المعنى: ليس بأمانيكم يا مشركي العربي حين قلتم لا نعذب ولا نبعث ونحن ننصر على من ناوءنا ويا معشر أهل الكتاب ليس بأمانيكم حين اعتذرتم بحبكم الله عز وجل مع كفركم فقلتم (لن تمسنا النار إلا أياما معدودات) وقلتم (نحن أبناء الله وأحباؤه).
قال أبو جعفر: ولا أماني أهل الكتاب تمام على قول من جعل من يعمل سوءا يجز به عامًا للمسلمين وأهل الكتاب ومن جعله خاصًا للمشركين جعل ما قبله كافيًا ولم يجعله تمامًا وبكلا القولين قد قال أهل التفسير: فممن قال أنه عام لجميع الناس وأنه كل من يعمل سيئة جوزي بها أبي بن كعب وعائشة، وممن قال هو خاص بالكفار ابن عباس والحسن البصري واحتج الحسن بقول الله جل وعز {وهل نجازي إلا الكفور} وكان محمد بن جرير يختار القول الأول لأن الآية عامة قال الله جل وعز (من يعمل سوءا يجز به) فلم يخص مؤمن دون كافر ولا كافر دون مؤمن ولا يقع التخصيص إلا بتوقيف.